الرد على الاسلام على إِنكار أَلوهيةِ المسيح


تتكرر اسئلة الاخوة المسلمين عن الوهية المسيح, وهذا ليسَ عجباََ ولا جديداََ على المسلمين, لأَنَّ الدين الاسلامي ونصاََ في القرآن ينكر الوهية المسيح, فكل مسلم حقيقي وصادق في ايمانه كمسلم يؤمن بما قال له القرآن عن المسيح, بأَنَّهُ مجرد نبي وبشر من خلق الله شأنُهُ في ذلك كشأن آدم لاغير, فيتسأل ألإخوة ألمسلمون ويُنكرونَ ألوهية ألمسيح مُنـذُ ظهور الاسلام , لكن هذا يناقض جوهر الايمان المسيحي تماماََ, فكون السيد المسيح نبي فقط ينسف الدين المسيحي من جذوره وجوهرهُ تماماََ.


فألإيمان المسيحي الحقيقي الذي أتى بهِ المسيح وبشر به أثناء تواجده على الارض وتجسده, هو مبدأ الفداء لمغفرة الخطايا, اي مبدأ مغفرة الخطيئة فقط بموت الفادي البديل عن الخاطيء, ومرة واحدة عن كُل خطيئة من خطايا المفدي, فلو قلنا إنَّ المفدي له عشرة خطايا, فالفادي البديل يجب أن يفدي المفدي عشرة مرات ايضاََ, فلو فكروا بهذهِ الطريقة البسيطة, سيعلمونَ بأَنَّ كون المسيح نبي من البشر, او ملاك من الملائكة, او حتى رئيس ملائكة الله لن ينفع لفداء اي بشر, اي فداء شخص واحد من البشر فقط لاغير!


 فكل ملاك من ملائكةِ أللهِ او حتى رئيس ملائكتِهِ له حياة أبدية واحدة فقط, وكانَ بالحقيقة لآدم وحواء وحدهما ولكلِّ منهما حياة ابدية واحدة فقط, وقد خسراها بعد سقوطهما في المعصية وطردهما من الفردوس الارضي أي من جنةِ عدن المذكورة في التورات, وأورثونا نحنُ البشر أبنائهم الموت الجسدي والروحي جراء معصيتهم ومخالفتهم أمر الله, فأي بشر او نبي من أنبياء الله الصالحين لا يملك حتى حياة ابدية واحدة كما كان لآدم وحواء, بل له حياة دنيوية محدودة وسيموت بعدها جسدياََ وروحياََ بإرتكابه معصية واحدة فقط, او ما يُسمى أحياناََ سيئة واحدة فقط, وقد يتعجب ألإخوة ألمسلمون من هذا الكلام أيضاََ! فالإسلام لا يقول بهذا, بل يفهم المسلم بأنَّ هناك ميزاناََ لوزن الحسنات بالسيئات, والحسنة بعشرة سيئات بحسب الميزان, فمن ثَقُلت موازين حسناته ضد سيئاته فهو من المفلحين, وسيحضى بالجنة والنعيم, كما في الآيات أدناه :


- مَن جاءَ بألحَسَنةِ فَلَهُ عَشرُ أمثالِها ومن جاءَ بألسيئَةِ فلا يُجازى إلا مِثلَها وهُم لا يُظلمونَ (الانعام 161).


- وأقِمِ ألصلاةَ طرفي ألنهارِ وزُلفاََ مِنَ ألليلِ إنَ ألحسناتِ يُذهِبنَ ألسيئاتِ, وذلِكَ ذِكرى للذاكرينَ (هود 115).


- وألوزنُ يومئِذِِ ألحقُ فَمَن ثَقُلَت موازينُهُ فأولئِكَ هُم ألمفلحونَ . ومَن خفَت موازينُه فأولئِكَ ألذينَ خَسِروا أنفسَهُم بما كانوا بآياتنا يظلمونَ. (ألاعراف 8 / 9 ).


- فَأما مَن ثَقُلَت موازينُه. فهو في عيشَةِِ راضيةِِ. وأما مَن خَفَت موازينُه. فَأُمُه هاويةُُ. وما أدراكَ ما هية. نارُُ حاميةُُ. (ألقارعة 7 / 8 / 9 / 10 / 11 / 12 ).


- بَلى من كَسِبَ سيئَةََ وأحاطَت بهِ خطيئَتُهُ فأولئِكَ أصحابُ ألنارِ هُم فيها خالِدونَ (ألبقرة 82).


وهنا ينشأ السوال: لقد كانَ مثَلُ آدم وطردِهِ سباقاََ ودلالةِِ كافية للبشرِ ليفهموا, فآدم لم يَكُن لديهِ سوى معصية واحدة فقط, اي سيئة واحدة فقط, وهذهِ لم توزن بمثاقيل ضد حسناتهِ وصلواتِهِ وطاعتهِ لله في الفردوس, بل كانت هذهِ الخطيئة الواحدة كافية لطردهِ من الجنةِ والنعيم, وكسبِهِ الموت الابدي روحاََ وجسداََ وهلاكِهِ, وإلا لقال آدمُ للرب وتحاججَ معهُ قائلاََ : يا ربُ لديَّ مثلاََ عشرةُ حسنات او حسنتينِ في طاعتك وسيئة واحدة فقط, فبميزان الحسنات ضد السيئات يكون الميزان لصالحي, لذا أطلب أن تُبقيني في الجنةِ والنعيم! ولو صح وجود هكذا ميزان لكان آدم اليوم لا زالَ في الفردوس ولم يُطرد منهُ أبداََ! ولكن الكُتب تُخبِرُنا بأَنَّهُ طُرِد ولم تنفعه ولم تذكر حسناتهُ ولا صلواته.


ثُمَّ أَوَلَم يَكُن لإبليس أيضاََ معصية واحِدة فقط فسَبَقَ ألخُطاة إلى جَهَنَم؟


فأين اصبح الميزان ؟ ولما لم يستعمل لصالح ابليس الذي كان رئيساََ لملائكة الله قبل أن يرفض السجود لآدم؟  ولم يستعمل أيضاََ لصالح آدم وحواء ولم يكن لهم إلا معصية واحدة فقط؟  وبالحقيقة لم يُذكر حتى في القرآن كم حسنة كان لرئيس ملائكة الله السابق وكم مرة أَطاع الله ونّفَذَ أَوامرهُ أو صلى إِليهِ ممجداََ ومُسبحاََ إِياه, و لم يُذكر كم حسنة وصلاة كان لآدم وحواء في طاعة الله سبحانه ورضوانه منهم! فلما طُرِدَ آدم وحواء من النعيم؟ ولما أصبح رئيس ملائكة الله الرافض السجود رئيساََ للشياطين؟ فهنا نفهم ويفهم اي عاقل, بأنَّ ملايين الحسنات والصلوات وطاعة ألله تبقي عامل الحسنة والمطيع لله طاهراََ وصالحاََ ولا تزيده طهارةََ ولا صلاحاََ, ولكن معصية واحدة او سيئة واحدة تُذهب بكل طاعته وصلواتِهِ وصلاحه وتؤدي إلى فقدان صلاحَهُ وطهارتَهُ, وتذهب بهِ إلى الهلاك الابدي والجحيم. فألله كُلِيّ القداسة وألطهارة لا يقبل أن تبقى النجاسة والخطيئة أمامه.


وهنا وبحسبِ هذهِ الدينونة والحكم الإلاهي, فُقِدَ الامل لخلاص أي من بني آدم والبشر جميعاََ, ولم يبقى إلا مبدأ الفداء وتغطية الخطيئة وإزالتها, وهذا ما بدأ اليهود العمل بهِ بحسبِ تعاليم الناموس التي نقلها لهم النبي موسى الكليم, فكان على اي يهودي من اتباع موسى أن يقدم ذبيحة حيوانية تفدي بموتها وسكبِ دمها فاعل السيئة ( الخطيئة) ويجب تقديمها عن كُلِّ سيئة يرتكبها وهذهِ كانت تُغطي خطيئَتَهُ وقتياََ برمزها لذبيحة المسيح الابدية, والمسيحية لم تأتي بالجديد عندما إعتمدت ذبيحة المسيح الابدية لتغطية كل خطيئة من خطايا البشر الذين يقبلون بفداء المسيح, وهو أي المسيح عليهِ تغطية كل خطيئة من الخطايا بحياةِِ ابدية واحدة من عندهِ, وإلا لإنكشفت خطيئة المفدي ورميَّ فوراََ في النارِ .


وهنا نفهم بأَنَّ المسيح الفادي لا ينفع للفداء إِنْ كانَ نبياََ صالحاََ من البشر, فلن يكون له أية حياة ابدية في ذاتِهِ, فالبشر لا حياة ابدية في ذواتهم, ولن ينفع أن يكون ملاكاََ من ملائكة الله لأنهُ في هذهِ الحالة سيكون لهُ حياة ابدية واحدة فقط, فيستطيع فداء وتغطية خطيئة واحدة فقط ولبشرِِ واحد ويموت هو ويهلك كبديل عنه لهذهِ الخطيئة الواحدة!


فهنا جاءِ تجسد الكلمة, اي الله فأخذَ جسداََ بشرياََ ليقبل بهِ الفداء والموت, فالله روح أزلي ولا يموت ابداََ, فهنا وجَبَ التجسُد لغرض إتمام الفداء , وهذا ما قبلهُ الله ومنحهَ للمؤمنين بفدائِهِ لهم, وهذا الفداء يتم ما لا نهاية له من المرات , أي مرة عن كل خطيئة من خطايا المؤمنين بفداء المسيح, لغرض تغطية كُل خطيئة بحياة ابدية واحدة, أي لمعادلتها وإزالتها ابدياََ , أي وجبَ أن يكون للمسيح ما لا نهاية لهُ من الحياة الابدية, أي أن يكون هو منبع الحياة الابدية ومصدرها, لكي يستطيع أن يمنح هكذا عدد من الحياة الابدية لتغطية خطايا المؤمنين, وهذا لا يكون إلا بأنْ يكون المسيح هو الله ذاته (أي الاقنوم الثاني ), أي منبع الحياة الابدية ومصدرها .


وهنا جاء الاسلام بالميزان, وأنكر فاعلية الذبائح الموسوية, وكذلك أنكر الصلب والفداء, وقال عن الذبائح والفداء:


- لِيشهدوا منافِعَ لَهُم ويَذكُروا إسمَ أللهِ في أيامِِ معلوماتِِ على ما رزقناهُم من بهيمَةِ ألأنعامِ فَكلوا منها وأطعموا ألبائِسَ ألفقيرَ.(ألحج 29 ).


- وألبُدنَ جعلناها لكُم مِن شعائِرِ أللهِ لكُم فيها خيرُُ ……. لَن ينالَ أللهَ لحومُها ولا دماؤُها ولكن ينالُهُ ألتقوى مِنكُم …… (ألحج 37 / 38).

وبهذا يكون الاسلام قد إختلف جوهرهُ عن جوهر الدين اليهودي وتعاليم الناموس الموسوي, وعن جوهر الدين المسيحي والخلاص بالفداء فقط, وهنا جاء إدعاءُ المسلمين, بأَنَّ التورات والإنجيل محرفين. وهم لم يأتونا بالأصل الصحيح الذي يدعون وجوده, بل طعنوا بمعتقدات اليهود والمسيحيين وصحة كُتُبهم السماوية, ونسفوا جوهر الدين اليهودي والمسيحي, ومن دون أي إحترام لعقائد أو كُتب من سموهم بأتباع الاديان السماوية الأُخرى ألذين سبقوهم, ومن دون أي دليل سوى ما يدعونه هم, وإدعوا بأَنَّ الله حفظ كتابهم من التحريف, ويبدو بأَنَّهُ بحسبِ هكذا إدعاء لم يستطيع (أَستغفر ألله!) منع اليهود والمسيحيين من تحريف كتبهم, فكيف يتم التعامل مع هكذا إنتقائية وأينَ ألإثبات والدليل على مزاعمهم وإِدعائهم؟




عبد الاحد داؤد


14 / 07 / 2011

+


"إرجع إلى ألبداية"